كشفت الجلسة التشريعية الماضية، عن حجم الخلاف القائم حول كيفية اقتراع المغتربين في الإنتخابات النيابية المقبلة، بين من يسعى إلى تطبيق القانون الحالي، أي تخصيص 6 مقاعد لهم، ومن يرغب في العودة إلى التعديل الذي طبق في الدورتين الماضيتين، أي تصويتهم في الخارج بحسب الدوائر التي ينتمون إليها.
حتى الآن، ليس هناك من نتائج حاسمة لهذا الصراع بين القوى السياسية، لكن ما ينبغي التوقف عنده هو العمل على التسويق لهذه المسألة على أساس أنها بأهمية النقاش القائم حول سلاح "حزب الله"، من منطلق السعي إلى إضعاف نفوذ الحزب، في المرحلة التي تلي الإستحقاق الإنتخابي في العام 2026.
في هذا السياق، تشير مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أنه منذ تاريخ إنتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، الذي وضع في سياق إنتقال البلاد إلى مرحلة جديدة، ثم تكليف نواف سلام برئاسة حكومة العهد الأولى، بدأ الحديث عن هذه الإنتخابات على أساس أنها ستكون مفصلية، من منطلق سعي العديد من الجهات، الخارجية والمحلية، إلى أن تفرز أغلبيّة نيابيّة معارضة لـ"حزب الله".
في الوقت الراهن، تحول ملف سلاح الحزب إلى بند أول على طاولة المباحثات، على وقع المخاوف من أن يقود ذلك إلى حرب جديدة أو توترات داخليّة، لكن ذلك لم يلغِ إستمرار التركيز على الإنتخابات النّيابية، إنطلاقاً من السجال الذي فتح مبكراً حول قانونها، الأمر الذي ترى المصادر نفسها أنه يعود، بالدرجة الأولى، إلى أن النقاش حول ملف السلاح قد لا يحسم قبل ذلك، كما أنه، بالدرجة الثانية، يعود إلى الرغبة في تكريس نتائج سياسية على المدى الأبعد، بغض النظر عن نتائج النقاش حول السلاح.
من وجهة نظر هذه المصادر، هذا السجال يتعلق بقدرة اقتراع هؤلاء على التأثير في مجموعة من المقاعد النيابية، لا سيما أن هذا الأمر تأكد في الإنتخابات الماضية، حيث أن أكبر المستفيدين كانت المجموعات المحسوبة على القوى التغييرية، ثم حزب "القوات اللبنانية" في المرتبة الثانية، الأمر الذي يُبرر الإصطفاف الحالي حول هذه المسألة.
في هذا الإطار، تشدد مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، على أن حسم هذه الأمر لن يكون بالسهولة التي يتصورها البعض، خصوصاً أن بعض القوى قد يطرح الذهاب إلى تعديلات أخرى على القانون، لكن في المقابل لا ينبغي تجاهل ما يتم الترويج له بالتزامن، حيث تتحدث بعض المعلومات عن أن جهات خارجية تسعى إلى فرض تصويت المغتربين حسب الدوائر التي ينتمون إليها، أيّ تعديل القانون، في وقت تعمل جهات محلية على التحضير لتحركات شعبيّة ضاغطة، تبدأ من بلدان الإغتراب ولا تستثني الداخل اللبناني.
بالإضافة إلى ذلك، تلفت المصادر نفسها إلى أنّ القوى المعارضة لـ"حزب الله" تضع على رأس قائمة أولوياتها العمل، بالتزامن مع الفوز بالأغلبية النيابية، السعي إلى الحصول على مقاعد شيعية، بهدف كسر ورقة الميثاقيّة الشيعيّة، التي يتمسك بها الحزب إلى جانب "حركة أمل" في مختلف الإستحقاقات، حتى ولو كان ذلك على حساب مقاعد من طوائف أخرى في دوائر محددة، نظراً إلى أنّ أهمية الفوز بمقاعد شيعيّة أكبر من وجهة نظرها.
في المحصّلة، ترى هذه المصادر أنّ السجال القائم حول قانون الإنتخاب، الذي من المرجح أن يتصاعد أكثر، يعكس حجم الرهانات القائم على نتائج الإنتخابات المقبلة، بالرغم من أن هناك من يؤكّد أن القرارات الكبرى في لبنان لا تؤخذ عبر المؤسسات الدستورية، بل من خلال الحوارات الجانبيّة التي تفتح بعيداً عنها، من دون أن يلغي ذلك فرضية حصول تسوية حول الأمر.